قال - تعالى -:{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين } [آل عمران: 97].
بدأ - سبحانه - هذه الآية بالحديث عن محاسن البيت، وعظيم شأنه، ترغيباً للنفوس إلى قصده، وشد الرحال إليه؛ فذكر - سبحانه - أنه أول بيت وُضِعَ للناس، وأنه مبارك، وأنه هدىً للناس، وأن فيه آيات بينات كثيرة، كمقام إبراهيم - عليه السلام -، وأنه مكان آمن للناس.
ثم بعد بيان منـزلة هذا البيت المبارك، أعقب - سبحانه - ذلك ببيان حكم هذه العبادة، فقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْت بهذه الصيغة الدالة على الوجوب بأكثر من وجه، ذكرها المفسرون.
وقد أجمع العلماء على الاستدلال بهذه الآية على وجوب الحج، وأجمعوا كذلك على أن الحج واجب في العمر مرة على من ملك القدرة عليه، وإن اختلفوا في أن الوجوب هل هو على الفور أم على التراخي، كما سيتبين بعدُ؟
روى مسلم من حديث أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله، فقال: {أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا}، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله: {لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم}.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله: {تعجلوا بالحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له} وفي رواية أخرى له: {من أراد الحج فليتعجل}.